أخبار محلية

عمامة المفتي تحمي المناصفة البيروتية..

ثلاث ثوابت حدّدها مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان تصلح أن تكون برنامج لائحة توافقية للانتخابات البلدية في بيروت:

1- لا تقسيم لبيروت تحت أيّ مسمّى من المسمّيات.

2- بيروت مدينة العيش المشترك.

3- قرار بيروت لأهلها وهويّتها غير قابلة للتعديل.

يساور القلق الفعّاليات السياسية والدينية والمجتمعية إزاء ما ستؤول إليه الانتخابات البلدية في بيروت. وهو قلق من عدم المحافظة على المناصفة، وسط خلل واضح وكبير في أعداد الناخبين المسلمين والمسيحيين. والثاني قلق على وصول مجلس بلدي غير متناسق وسط التباينات وأفكار السوء.

من يتحمّل المسؤولية في كلّ ذلك؟ المسلمون أم المسيحيون من سكّان بيروت وأهلها؟ ليس من مسؤوليّة كاملة على طرف واحد بقدر ما تتوزّع المسؤوليّة على كلّ الأطراف. ارتفعت هنا أم انخفضت هناك، يبقى الكلّ مقصّراً في مكانه ودوره وزمانه.

أزمة السُّنّة وصلاحيّات المحافظ

ينام سُنّة بيروت 6 سنوات ويصحون من سُباتهم قبل أشهر من الانتخابات البلدية مطالبين باسترداد المجلس البلدي لصلاحيّته التنفيذية من محافظ المدينة، كما هو الحال في سائر المدن والمحافظات. يتصاعد قول من هنا ويرتفع صوت من هناك. تجري الانتخابات البلدية، فلا القانون يعدَّل وينام عنه سُنّة بيروت 6 سنوات جديدة. فيما الجزء الكبير من العمل المطلوب مع صعوبته يحتاج إلى عمل تراكميّ طوال السنوات الست. يشمل فعّاليّات العاصمة من مجلس بلدي ونوّاب ووزراء وفعّاليات دينية ومجتمعية.

بذل الرئيس رفيق الحريري، رحمه الله، جهداً كبيراً في تعديل هذا القانون ومساواة بيروت بباقي المدن. تواصل مع كلّ الفعّاليات المسيحية، وعلى رأسها متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة. لم يُكتب لمحاولات الرئيس الحريري النجاح مع أنّه وصل في مرّة من المرّات إلى تقديم عرض يقضي أن تبقى الصلاحيّات كما هي على أن تكون رئاسة البلدية مرّة للمسيحيين، وتحديداً للأرثوذكس، ويكون المحافظ للطائفة السُنّيّة، ومرّة يكون رئيس البلدية من الطائفة السنّية ويكون المحافظ مسيحياً أرثوذكسيّاً.

لم تفلح محاولات الرئيس الشهيد. قد يتساءل البعض هنا: هل محاولات تغييره ستفلح؟ الجواب بسيط. المحاولة الجماعية تكتسب شرعية لا يمكن لأحد أن يمتلكها مهما كان موقعه ومنصبه ودوره وإمكاناته، حتى لو كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

المسيحيّون والخوف على المناصفة

كما سُنّة بيروت ينام المسيحيون على الخوف على المناصفة ست سنوات ويستيقظون على القلق عليها قبل أشهر من الانتخابات البلدية، وكأنّ طريقة النوم والاستيقاظ في السياسة عادة بيروتيّة موحّدة بين المسلمين والمسيحيين. لا يشعر المسيحيون بالخوف على المناصفة قبل الانتخابات فيما يمارسون في الوقت نفسه المناصفة بأبشع صورها عمليّاً وإعلاميّاً طوال السنوات الأربع. يصرّون على المناصفة في المتطوّعين في جهاز الإطفاء، حتى لو اضطرّوا إلى أن يملؤوا الحصّة المسيحية بمسيحيّين من بلدات حدودية كالقاع وغيرها. إلى ذلك يعرقل أعضاء المجلس البلدي من الحصّة المسيحية أيَّ اجتماع أو معاملة إن لم تشهد مناصفة في التقديمات والتسهيلات والهبات على قاعدة “شرقي وغربي”.

ممارسة في مواقع لا تُسمن ولا تغني من جوع. فما أعاد إطفائيّ حقوق المسيحيين، ولا هتك إطفائيّ حُرمة النبيّ وطهارة الدين.

على خلفيّة كلّ ذلك، تكمن أهمّية الكلمة التي ألقاها مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في مرجعيّتها ومضمونها ومكان إلقائها. في مرجعيّتها لأنّه هو “المفدي”، كما يسمّيه أهل بيروت، الذي اعتاد أن يفتدي بعمامته الوطن والمواطنين، فكيف الحال والأمر يتعلّق ببيروت وأهلها؟ وفي مضمونها أكّد المفتي أنّنا متمسّكون بالمناصفة. لكنه ذهب أكثر فقال: نحن نريد العيش المشترك. وفي مكانها لأنّها جاءت من قلب بيروت، وتحديداً من مركز اجتماعيّ عائليّ لعائلة مرموقة هو مركز توفيق طبّارة، لمناسبة تسليمه لكبرى الجمعيّات البيروتية جمعيّة المقاصد الخيرية الإسلامية.

عمامة المفتي ومظلّة دار الفتوى وحدهما الضمانة الوطنية للعيش المشترك والمناصفة والحفاظ على هويّة بيروت. المطلوب اليوم هو رفع يد السياسة عن بيروت وترك بيروت لأهلها ومفتيها، فلائحة “المفدي” هي لائحة المناصفة في شكلها ومضمونها وبرنامجها.
زياد عيتاني – اساس ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى