قدم رئيس الاتحاد العمالي العام د ..بشارة الأسمر، في حديث إلى «الأنباء»، توصيفا دقيقا للواقع اللبناني، اجتماعيا واقتصاديا، متأثرا بالتقلبات السياسية والتطورات الحربية، رابطا الحل «بالمبادرة إلى انتخاب رئيس للجمهورية فورا يعيد تنشيط المؤسسات وان تكون هناك حكومة اختصاصيين تعمل ليل نهار».
ووصف الأسمر الوضع في لبنان بالكارثي. وقال: «الواقع الاجتماعي والاقتصادي والبيئي والتربوي سيئ، ونرى مزيدا من الانحدار يوما بعد يوم. جزء كبير من مؤسسات الدولة لا يعمل والدوائر العقارية متوقفة في كل لبنان تقريبا. هيئة إدارة السير التي تنظم إدخال المركبات إلى لبنان وتسجيلها وشرعنتها متوقفة أيضا. المعاينة الميكانيكية التي تختص بسلامة المرور متوقفة. نرى الأمور من سيئ إلى أسوأ، وما طرأ أخيرا من تدهور للوضع الأمني في جنوب لبنان والاعتداءات الإسرائيلية، يضيف على الواقع الاقتصادي بعدا سيئا ويدفعه نحو مزيد من الانحدار. أضف إلى ذلك ان الواقع المستجد بانهيار الأمن داخل البلد والحوادث التي تحصل في القرى والمدن من قتل واغتصاب وسرقة، منها سرقة السيارات والسلب بقوة السلاح، كلها أمور تتفاقم أكثر وأكثر، وهذا كله يلقي بظلاله، مما يدل على تراجع في القيم والأخلاق، وهو ناتج عن ضعف الدولة وتحللها والانهيار الاقتصادي الذي يفاقم الوضع الاجتماعي».
وتابع الأسمر: «نحن كاتحاد عمالي عام نسعى جهدنا إلى تحسين واقع الشعب اللبناني إن بالقطاع العام أو بالقطاع الخاص. في القطاع العام كان هناك تعاون مع الحكومة باتجاه زيادة الأجور بإعطاء تسعة رواتب، بالإضافة إلى الحوافز ودوام الموظفين وتأمين بدل نقل وبدل المثابرة، كلها أمور أنجزناها بالتعاون مع الحكومة التي أصرت على ان تكون المبالغ التي تدفع لأجرائها وموظفيها تحت مسمى مساعدات، كي لا تدخل في صلب الرواتب وحتى لا تنعكس إيجابا على تعويضات نهاية الخدمة. من هنا مطالبتنا الدائمة بأن تدخل المساعدات أو جزء منها، في صلب الرواتب حتى تنعكس إيجابا على تعويضات نهاية الخدمة لكل القطاع العام، بما فيها القطاعات العسكرية التي لا يزال أفرادها يتقاضون رواتبهم وتعويضاتهم مع كل موظفي القطاع العام والإدارة العامة على سعر صرف الدولار 1500 ليرة».
وأضاف: «بالنسبة إلى القطاع الخاص، يقوم الاتحاد العمالي يفعل ما يمكن قدر المستطاع وضمن فن الممكن لتحسين الرواتب فيه. أنجزنا زيادات عدة على الحد الأدنى للأجور وغلاء المعيشة، إنما تبقى دون المطلوب. وهناك جزء كبير من القطاع الخاص استعاد حيويته تقريبا في 2023، قبل أن يتراجع في آخر فصل منها. وانسحب هذا التدهور على 2024 بسبب الواقع المستجد في جنوب لبنان. وعلى رغم ذلك، نستطيع القول إن جزءا كبيرا من القطاع الخاص يدفع، جزئيا أو كليا، الرواتب بالدولار الأميركي. وعملا بما تفعله الدولة، كونها صاحبة العمل الأكبر، يتهرب أركان القطاع الخاص من الدفع للأجراء والموظفين والعمال بالدولار، جزئيا او كليا. كما يمتنعون عن التصريح عن هذه الرواتب، حتى انهم يتهربون من دفع الاشتراكات الخاصة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو اشتراكات ضرائب الدخل في وزارة المالية. وهذا ينعكس سلبا على العاملين في القطاع الخاص لجهة تعويضات نهاية الخدمة، واستمرارية عمل الأفراد ضمن مبدأ الحد الأدنى لأجر العيش اللائق الكريم، الذي يكاد يكون مفقودا. والمفروض ان يكون الحد الأدنى للأجر بحسب دراسات الاتحاد العمالي العام بحدود 600 دولار. وتفيد الدراسات الجديدة بأن الألف دولار أصبحت لا تكفي أسرة مؤلفة من 4 أشخاص في ظل الغلاء الفاحش وارتفاع سعر الدولار الذي يساوي 60% من قيمته الحقيقية، بفعل التطورات الحربية إقليميا ودوليا، والتي انعكست غلاء على السلع المستوردة».
وقال الأسمر: «نتطلع في لبنان إلى دولة القانون وتفعيل المؤسسات، بوقف التراشق وتبادل التهم والتجاذبات السياسية، والمبادرة فورا إلى انتخاب رئيس للجمهورية يعيد تنشيط المؤسسات. وان تكون هناك حكومة اختصاصيين تعمل ليل نهار وتواكب كل القضايا. والأهم ان تعالج مسألة النازحين السوريين اذ يهدد تطور وجودهم المكثف كينونة لبنان وديمومة الوطن. ولا بد لي ان أذكر أن الوجود السوري الشرعي ساهم في نهضة لبنان في الستينيات والسبعينيات. نتطلع إلى السوريين كإخوة ومصير مشترك مع الفلسطينيين ضمن الإقليم».
منصور شعبان – الانباء