كلودين عون: بعد وقف إطلاق النار نتطلّع لمشاركة النساء في تكوين السلطة الجديدة

ترأست رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون الوفد اللبناني الى المؤتمر الوزاري الرابع، حول المرأة والأمن والسلم تحت عنوان: “تعزيز الحماية والاستجابة الشاملة لاحتياجات النساء في مناطق النزاع: النساء يواجهن الحروب”، المنعقد في القاهرة على مدار يومين في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، من تنظيم قطاع الشؤون الاجتماعية في الجامعة بالشراكة مع المكتب الإقليمي للدول العربية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة. كما شاركت في وفد لبنان إلى المؤتمر عضو المكتب التنفيذي في الهيئة المحامية غادة حمدان.
وخلال اليوم الأول شاركتعون كمتحدثة رئيسية في الجلسة الحوارية الأولى بعنوان: “معاناة النساء وانتهاكات حقوق الإنسان في ظل الحروب والنزاعات المسلحة وظروف عدم الاستقرار”، وأبرز ما جاء في مداخلتها: ” بعد اختتام الخطة الوطنية الأولى لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن، كلّفت رئاسة مجلس الوزراء الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بإعداد الخطّة الوطنية الثانية. اعتمدت الهيئة مساراً جديداً في إعداد الخطّة الثانية، بعد أنّ تمّت مواجهة تحدٍ في نشر المعرفة حول هذا القرار في الخطّة الأولى، وفهم أجندة المرأة والسلام والأمن، أهدافها ومخارجها الإيجابية، لتبنّيها على أعلى المستويات في الهيكلية التنفيذية”.

اضافت: “من هنا بدأ مسار تطوير الخطة من خلال عقد ثلاثة اجتماعات مع المديرات والمدراء العامين ورئيسات ورؤساء الادارات العامة والمجالس والهيئات الرسمية للتعريف بالقرار وأهميّة تطبيق بنوده. كما تابعت الهيئة مسار إعداد الخطّة من خلال تنظيم لقاءات في المحافظات اللبنانية الثماني بالتعاون مع المحافظين لتوصيف الأوضاع القائمة، وعُقِد الاجتماع الأول في محافظة بعلبك-الهرمل وكان التحدّي الأكبر في اندلاع الحرب الشرسة في لبنان واشتدادها خلال الشهرين الماضيين وتمّ الغاء اللقاءات المقرّرة في المحافظات الأخرى.”

وتابعت: “لقد أدّت الحرب في لبنان الى نزوح كبير، وكانت الاستجابة الأولى من خلال فتح مراكز ايواء غير مجهّزة لاستقبال النازحين والنازحات. وواجه لبنان الهجرة القسرية وقصف المعابر، تدمير قرى بكاملها وخسارة المواطنين/ات بلحظة أحباءهم، بيوتهم، ذكرياتهم، استقرارهم، وحتى أوراقهم الثبوتية. كما شهدت الحرب تدمير البنى التحتية، وحرق الأراضي الزراعية وتشبيع تربتها بمادة الفوسفور مما قد يؤدّي حتمًا إلى تداعيات صحية من تلوث الهواء والمياه بالمواد الكيميائية الضارة. ومن هنا أهميّة دعم وزارة الصحة ووزارة البيئة في إعداد دراسة ميدانية حول هذه التداعيات”.
واردفت: “كما أنّ للحرب تداعيات حالية ومُستَقبَلية على الاقتصاد الوطني وعلى الصحة النفسية والجسدية للمواطنين/ات. أقفلت المدارس وأضحى التلاميذ والتلميذات في حالة غموض فيما يتعلّق باستئناف عامهم الدراسي. فأوجاع المواطنين/ات اللبنانيين/ات لا توصف، وعيشهم في قلق دائم وخوف شديد مستمرّ لا يفسّر”.

وقالت: “في ظلّ هذه الظروف، تابعت الهيئة الوطنية مسار إعداد الخطّة وقامت برصد يومي للوضع الراهن الناتج عن الحرب، كما عقدت اجتماعاً مع اللجنة الوطنية التسييرية المؤلّفة من المديرات والمدراء العامين/ات في الوزارات المعنية بتنفيذ القرار 1325 لوضع أولويات الخطّة الوطنية الثانية بحسب المحاور الأربعة للقرار، وهي: تعزيز دور المرأة في القيادة، تعزيز الأطر القانونية لحمايتها من كافة أشكال العنف، نشر ثقافة السلام، والاستجابة للأزمات من منظور النوع الاجتماعي.”

وتابعت: “اليوم مع وقف إطلاق النار والاعتداءات الحربية، وعلى أمل أن يكون نهائياً، نجد أنفسنا أمام تحديات جديدة في مرحلة التعافي والاستجابة لاحتياجات النساء والفتيات خاصةً مع عودة النازحين/ات الى بلداتهم المنكوبة. ومن هنا ضرورة اعتماد خطّة وطنية شاملة لإعادة الإعمار، لكننا نتساءل هل سوف تشارك النساء اللبنانيات في جهود إعادة الإعمار؟ وهل سوف تؤخذ احتياجات النساء والفتيات بعين الاعتبار؟ كما وأنّنا نتطلّع لمشاركة النساء في تكوين السلطة الجديدة”.

ورأت انه “من الضروري أيضًا العمل على تمكين النساء اقتصاديًا وتعزيز استقلاليتهنّ المالية، من خلال برامج تدريبية مهنية وتأمين مساعدات مالية وقروض لتمكينهنّ من البدء بمشاريع اقتصادية جديدة. وهذا التدخّل مبني على تجربة سابقة بعد حرب تموز 2006. ذلك إضافة إلى تحدّيات أساسية توجهها النساء في ملكية الأراضي وخطر التعرّض للإستغلال. ومن أهمّ التحدّيات في مرحلة التعافي أيضاً، مكافحة خطاب الكراهية ورفض الشتائم وتعزيز المصالحة، من خلال تطبيق بنود القرار ١٣٢٥ حول تعزيز دور النساء ببناء سلام مستدام ومشاركتهن في عمليات الوساطة، منع نشوب النزاعات وحل النزاعات من دون اللجوء إلى العنف. ففي النهاية علينا دعم الآليات الوطنية من أجل مراقبة وتقييم تطبيق القرار ١٣٢٥ الأممي.”
وأكّدت أن ” النساء والفتيات يدفعن خلال الحروب والنزعات أغلى الأثمان جسدياً ومعنوياً، ومن المهمّ في المرحلة المقبلة، أن يتمّ العمل على دراسة لرصد تداعيات الحرب على النساء والفتيات، كما خلق منصّة لهنّ لمشاركة آرائهنّ وتجاربهنّ إنّ النساء والفتيات، ضحايا الحرب والنازحات من جرّائها، يشعرن بالقلق على الأهل والأحبّاء، القلق على المَصير. لقد خَسِرْن الْمَنازل ومَوارِد الرّزق، ويخشيَن التَّعرُض لحالاتِ عُنفٍ وابتزاز وتحرش جنسي، وهي حالات تزداد مخاطر وقوعها من جَرَّاء الصُّعوبات المعيشية والافتقار إلى شروط توفُّر الْخصوصية في أماكِنِ اللجوء، إن كان في مركز الإيواء أو في المساكن الضيقة التي تكتظُّ بالأسر اللاّجئة. لذا فإن الاحتياجات الأولى للنساء والفتيات في الوضع الراهن هي الحصول على العناية الطبية الضرورية، الحصول على مستلزمات العيش، توفير المأوى والمأكل والمشرب لهنّ ولأُسرهنّ، وتوفّر شروط الإقامة في بيئة آمنة لا يَخشَين فيها وقوع الأعمال الحربية ولا التعرّض لأي مس بكرامتهن الإنسانية والحصول على تَطميناتٍ بالنسبة إلى تمكُّنهنّ من متابعة مساراتِ حياتهنَّ، بعد توقّف الحرب، في الأسرة، في المدرسة وفي العمل.”

وتابعت: “السؤال يبقى، هل سيكون هناك اعتراف بالدور الذي يجب أن تلعبه المرأة خلال المرحلة القادمة؟ وهل سوف يتمّ الضغط الدولي والطلب بمشاركة أكبر للنساء في مرحلة ما بعد الحرب؟ وقد تكون الخطوة الأولى، من خلال إدراج القرار 1325 وأجندة المرأة والسلام والأمن وتنفيذها، على جدول أعمال كافّة اللجان في جامعة الدول العربية.”

وأضافت: “لا يمكن تأمين الحماية للنساء والفتيات الّا من خلال الوقاية وبناء ثقافة اللاعنف في أوقات السلم. وتُشدّد أجندة المرأة والسلام والأمن على ضرورة أن يكون العنصر النسائي أساسياً في صنع القرار وفي بناء السلام. ومن أولى الإجراءات التي من شأنها تعزيز الحماية للنساء والفتيات في مواجهة العنف خلال النزاعات، وخاصة في مسألة مناهضة العنف الجنسي، هي تعزيز الأطر القانونية لحماية النساء ورصد حالات العنف. فبعد 15 عامًا من الحرب اللبنانية الأهلية، تمّ تنفيذ مشروع واحد بعنوان Dealing with the past سمح للنساء بمشاركة تجاربهم وتعرّضهم للعنف خلال الحرب، ولكن لم تتمّ معاقبة أي مرتكب، فكيف يمكن أن يكون هناك مصالحة وتعافي؟ إنّ تعزيز الحماية للنساء والفتيات يتحقّق برفع نسبة الوعي لديهنّ أنّ هذا العنف محظور في القانون، وأن لهنّ الحقّ في مُواجهته والتقدم بشكوى ضد مُرتكبيه، والإستعانة بالآليات الأمنية والمدنية والقضائية.”
وختمت: “لقد قامت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية وشركائها بنشر المعرفة في مراكز إيواء النَّازحين والنَّازحات، وتعميم أرقام الخطوط الساخنة التي أوجدتْها القوى الأمنية ووزارة التربية والتعليم العالي وبعض المنظمات المدنية، للاتصال والتبليغ عند التعرض لأي شكل من أشكال العنف، ومنها التحرش جنسي والابتزاز الكتروني. وقبل اندلاع الحرب، كانت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية قد قامت باطلاق معايير دور الحماية الآمنة المؤقّتة الخاصّة بحماية النساء والفتيات الناجيات من العنف بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، ونظّمت لقاءات مع فرق عمل دور الحماية لنشر المعرفة حول هذه المعايير. ويبقى التحدّي في استمرار وجود هذه المراكز في ظلّ النقص في التمويل. كما قامت الهيئة بحملة واسعة بعد اقرار قانون تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه لنشر المعرفة بهذا القانون الجديد لدى المحامين والمحاميات والجسم القضائي والعاملين والعاملات الاجتماعيات والطلاب والطالبات في الجامعات. كذلك عملت الهيئة الوطنية مع وزارة العمل على تضمين الأنظمة الداخلية للمؤسسات الاقتصادية، سياسة للوقاية والاستجابة ومعاقبة التحرش الجنسي في نطاق العمل. وتعمل حاليًا مع قيادة الجيش اللبناني على تطوير سياسة داخلية للوقاية والإستجابة ومعاقبة أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي ومنها التحرش الجنسي. ونحن اليوم بصدد البدء بمشروع “دعم نفسي اجتماعي” بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، يستهدف النساء والفتيات اللواتي نزحن من بلداتهنّ.”