أخبار محلية

بلديات بعلبك-الهرمل: “الثنائي” والقوات للتزكية و”المستقبل” لم يحسم أمره

على مسافة أسابيع قليلة من انطلاق سباق الانتخابات البلدية والاختيارية في 18 أيّار المقبل، بدأت محافظة بعلبك -الهرمل تستعد للاستحقاق. ويتواصل الحديث الانتخابي والاتصالات والاستعدادات لعقد التحالفات وتشكيل اللوائح الانتخابية لاسيما أنّ هذه الانتخابات تُشكِّل “بروفا” لما ستكون عليه الانتخابات النيابية بعد عام، لذلك تختلف مقاربات القوى السياسية والعائلية في الشكل والأهداف.
الثنائي الشيعي والتزكية
يخوض الثنائي الشيعي، أمل وحزب الله، الانتخابات المقبلة على مبدأ تأكيد المؤكد، لجهة قوة التمثيل وحصريته، إذ يحتكر التمثيل النيابي والوزاري الشيعيين، وكذلك النسبة الأكبر من البلديات والمخاتير. ويعتبر خصومه أن الثنائي يخوض معركة وجودية بعد الحرب الماضية.

يتعامل حزب الله بهدوء وروية مع الاستحقاق البلدي، بحسب مسؤول العمل البلدي في محافظة بعلبك -الهرمل الشيخ مهدي مصطفى. وقد أكّد لـ”المدن” أن الحزب ينطلق من الفصل الكامل بين العمل السياسي والانتخابات البلدية. وهذه لها خصوصية مختلفة عن الانتخابات النيابية المقبلة التي سيكون لها حساباتها الخاصة. ويسعى الحزب في الانتخابات البلدية والاختيارية مع حلفائه لإنتاج بلديات بالتزكية، وخوض المعركة بالتكاتف والتعاون حيث تُفرَض عليهم معارك انتخابية.

القوى السنيّة وحيرة “المستقبل”
خريطة القوى السنيّة في محافظة بعلبك -الهرمل، تتوزع بين تيار المستقبل، الجماعة الإسلامية، الأحباش (أغلبهم في مدينة بعلبك)، والعائلات. ويقتصر تأثير هذه القوى على وجود الصوت السني، في بعلبك المدينة وقرى حام ومعربون والطفيل والعدوس، وكذلك في بلدات شعث عرسال والعين والفاكهة.

لكن موقف تيار المستقبل حتى اللحظة تلفه الضبابية. يحاذر المشاركة علانيةً كي يتجنب غضب العائلات قبل سنة من الاستحقاق النيابي. لذلك يسعى لالباس مرشحيه ثوب عائلاتهم فيكون ضرب عصفورين بحجرٍ واحد. المُنسقة العامة للتيار الأزرق في بعلبك المحامية ميادة الرفاعي أكّدت المشاركة في الانتخابات وفق ما جاء في كلام الرئيس سعد الحريري. لكن عمليًا، لم يتبلغوا أي قرار من القيادة بخصوص آلية المشاركة ونوعيّة التحالفات وعناوينها.

من جهتها، قررت الجماعة الاسلامية خوض الاستحقاق ترشيحًا واقتراعًا، بحسب القيادي علي الحجيري، ولاسيما في بلدتي الفاكهة وعرسال. أما حصة الأحباش في بعلبك فيقررها حزب الله. وتجدر الإشارة إلى أن أجواء الانتخابات في بلدة عرسال، كبرى التجمعات السنية لا تزال باردة نسبيًا ويطغى عليها الطابع العائلي، فيما المعركة الضارية تشهدها بلدة الفاكهة وسط تنافس تاريخي ظاهره بين العائلات وضمناً بخلفيات سياسية.

القوات والتيار العوني
عند الطوائف المسيحية يميل المزاج الشعبي بشكل كبير نحو القوات، وفق ما أظهرته الانتخابات النيابية عام 2022 وتسعى لتأكيده في الصناديق الشهر المقبل. مصادر في القوات أكدت سعيها للتوافق في منطقة البقاع الشمالي، من خلال تبني مرشحي العائلات، وفق المعايير التي وضعتها القوات للوصول الى مجالس بلدية متجانسة وفاعلة. أما في البلدات التي لا يحصل فيها التوافق، فتؤكد المصادر أنّ الكلمة ستكون لصندوق الاقتراع. وهذا الطرح بحسب المصادر القواتية يلاقي ترحيبًا وقبولًا كبيرَين في أغلبية القرى والبلدات المسيحية، خصوصاً دير الأحمر وجوارها واتحاد بلدياتها.

من ناحية التيار الوطني الحر، فإن حظوظه قليلة، فتأثيره محدود في المنطقة. وانخفضت شعبيته أكثر بعد الضربات السياسية التي تلقاها مؤخرًا. بمعنى آخر، لا يستطيع تشكيل لوائحه منفردًا في بلدات جدَيْدَة الفاكهة (بحاجة للتحالف مع العائلات السنية وذلك أمر مستبعد في حال ترشيح حِزبِيين) كذلك في بلدتي رأس بعلبك والقاع. ويؤكد النائب عن المقعد الكاثوليكي سامر التوم سعي التيار البرتقالي لدعم العائلات، والتقدم بمرشحين لديهم برامج ومشاريع تنموية في قراهم. لكن في حال تحوّلت الانتخابات المقبلة إلى معركة سياسية في وجه “التيار” فسيخوضها سياسياً بكل تأكيد، كما قال.

قوى التغيير ببعلبك
في المشهد البقاعي لم تبرز القوى المعارضة لأحزاب السلطة إلا في مدينة بعلبك. فهذه القوى التي تطلق على نفسها اسم “التغيير” لا تزال تتحرك بشكل خجول. لكن في بعلبك ثمة حراك لتشكيل لائحة مكتملة.

منذ ثلاثين عاماً، وباستثناء بلدية العام 2010 التي فازت فيها لائحة المجتمع المدني والعائلات برئاسة المرحوم المحامي غالب ياغي، سيطرت لوائح الثنائي على بلدية بعلبك. وتجربة العام 2010 تعرّضت للكثير من العراقيل والضغوط. وحالياً يسعى الثنائي الشيعي مع حلفائه من بعثيين وقوميين وأحباش إلى التزكية. وثمة تواصل مع باقي القوى السياسية المنافسة للتوصل إلى بلدية بالتزكية. لكن القاعدة التي ينطلق منها الثنائي هي تكريس رئاسة البلدية مداورة لثلاث سنوات مع حركة أمل، مقابل منح نيابة الرئاسة للسنّة.

لكن مرشح قوى التغيير والمجتمع المدني محمود الجمّال يؤكد أن مشهد المعركة في بعلبك يتكرر. وشرح الجمال طبيعة فشل العمل البلدي في العشرين سنة الماضية، متسائلاً كيف لبلدية بحجم بلدية بعلبك، أن تصبح مفلسة وتدفع رواتب موظفيها عبر السُلَف. وأكد أنهم في تحالفهم يرفضون التزكية والاسقاط المسبق للرئيس ونائبه وفق مبدأ المداورة الذي يريده “الثنائي”. وعليه لا مفرّ من فرض معركة انتخابية ديمقراطية يقول فيها المواطن كلمته، كما قال.

ولفت إلى أن لائحتهم كقوى تغيير ستكون مكتملة، وتضم في صفوفها الشباب والسيدات وذوي الخبرة من أصحاب الكفاءة والكف النظيف. كذلك يجري العمل على تثبيت تمثيل مكوّن المدينة المسيحي أيضا عبر مقعدين وليس مقعداً واحدا. فبعلبك بحسب الجمّال تستحق بلدية تُعيد لها بريقها ومهرجاناتها الفنية وحيويتها الاجتماعية. وبحاجة لمجلس بلدي يسهر على وضع خطط تنميتها المستدامة، بعيدًا عن المصالح الحزبية المُسقَطة على المدينة من خارجها.

المدن
زر الذهاب إلى الأعلى