على وقع التصريحات الإيرانية التي وصفت بالمهادنة تجاه إسرائيل، وتأكيد مسؤوليها أكثر من مرة عدم رغبتهم بتوسيع الصراع على الرغم من الضربات القوية التي تلقاها حزب الله خلال الأيام الماضية، تصاعد العتب والقلق على ما يبدو داخل صفوف الحزب الذي يعتبر أحد أقوى أذرعتها في المنطقة.
ما دفع إيران إلى المسارعة لطمأنة حزب الله بعد القلق المتنامي داخل صفوفه إزاء التصريحات الإيرانية بضبط النفس.
فقد اضطرت طهران إلى إرسال مبعوثين إلى بيروت لتبديد المخاوف من أنها تخلت عن حزب الله، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.
وقال أحد المسؤولين الإيرانيين الكبار المطلعين على بواطن التفكير الإيراني لصحيفة “فاينانشيال تايمز” إن طهران تعمل على “تهدئة مخاوفهم”، مؤكداً أن قرارها بعدم التدخل لدعم حزب الله يخدم أغراضًا محددة قصيرة المدى.
كما أضاف المصدر المقرب من الإصلاحيين: “ما نشهده هو تحول في التكتيكات وليس تغييراً في استراتيجيتنا الأساسية تجاه محور المقاومة” حسب تعبيره. وأشار إلى أن طهران تضع في الوقت الحالي بعض القضايا المهمة جانبا لصالح قضايا أكثر إلحاحا”، مردفا “هذا هو الثمن الذي تدفعه عندما تعدل أسلوبك في المعركة.” وكان البعض ضمن قواعد دعم حزب الله شعروا بإحساس لاذع بتخلي إيران عنهم. فيما تصاعدت التساؤلات “لماذا لا يبذل الإيرانيون المزيد لمساعدتنا؟. وقال محمود أحد أنصار الحزب:” نحن إخوة عندما يحتاجون إلينا، ولكن أين هم عندما نحتاج إليهم؟”.
فيما نشر النائب مارك ضو على تغريدة على موقع إكس، بعدما أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يوم الاثنين الماضي أن بلاده مستعدة للتفاوض مع الغرب بشأن برنامجها النووي، “يتفاوضون بشأن جثثنا”. إلى ذلك، اعترف أحد الأشخاص المقربين من الفصائل المسلحة بأن إيران في “موقف صعب”، قائلاً إن إحجامها عن التدخل لدعم حزب الله يمنح إسرائيل مساحة “لتجاوز الحدود”.
إلا أنه رفض التلميحات بوجود خلاف بين إيران وحزب الله ووصف تلك التلميحات بالكاذبة، مشددا في الوقت عينه على أن طهران “ستواصل اعتماد سياسة ضبط النفس”.
في حين رأى مسؤول آخر أن “إيران تريد التعامل مع الوضع بطريقة لا تشرك نفسها فيها، لأنها تريد فتح فصل جديد للحوار مع الغرب”.
حتى أن إيران رفضت تدخل الفصائل العراقية المسلحة لدعم حزب الله. فحين عرضت بعض الميليشيات ة العراقية، التي شنت في الأشهر القليلة الأولى من الحرب في غزة موجة من الهجمات ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا، مساعدة الحزب عبر إرسال مقاتلين وأسلحة، جاءهم رفض إيراني. وقال أحد أعضاء تلك الفصائل “كنا نرغب في مساعدة إخواننا في لبنان منذ أشهر، لكن إيران تخشى أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة.. لذا تراجعنا”
في حين رأى ا سعيد ليلاز، المحلل الإصلاحي المتخصص في الاقتصاد السياسي الإيراني، بأن استراتيجية المرشد الإيراني علي خامنئي تتمثل في الضغط على إسرائيل “بقفازات بيضاء” – أي مع الحفاظ على نظافة يديها فيما تدفع أعضاء ما يسمى “محور المقاومة” إلى مواصلة استهداف إسرائيل.
كما أوضح أن طهران تفتقر حالياً إلى الموارد المالية اللازمة لتحمل حرب مكلفة”. وأردف :” حتى لو توقعت الفصائل تورطا مباشرا، فإن استياءها لعدم تلبية طلبها لن يدوم طويلا”.
وكان انفجار آلاف من أجهزة الاتصالات التابعة لحزب الله الأسبوع الماضي، شكل خرقا غير مسبوق للحزب وضربة مؤلمة، وصلت تداعياتها إلى إيران نفسها.
فسارعت طهران إلى إرسال مستشارين إلى بيروت يوم الثلاثاء الماضي، بعد وقت قصير من انفجار أجهزة الاستدعاء الخاصة بحزب الله في جميع أنحاء لبنان (البيجر)، للمساعدة في إدارة التداعيات والتحقيق فيما حدث وتقييم المخاطر التي تشكلها الأجهزة التي تستخدمها طهران وحلفاؤها، وفقًا لأشخاص مطلعين على التحقيق.
كما أكد مسؤول إيراني إنه تم إبلاغ كبار المسؤولين الإيرانيين بعدم استخدام هواتفهم وأجهزة الاتصال اللاسلكية الخاصة بهم حتى يتم فحصها للتأكد من سلامتهم. وأضاف أن: “ما حدث جعل الإيرانيين يعتقدون أنه من الممكن أن يكونوا مخترقين أيضا”.
كذلك تلقى حزب الله العديد من الضربات القاسية، عبر اغتيال اسرائيل عدة قادة كبار في صفوفه بضربات جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت، إلا أ، إيران لم تتحرك، وواصلت التأكيد على أنها لن تنجر إلى حرب شاملة.
المصدر: العربية