أحصت وزارة الصحة اللبنانية حتى الأحد، مقتل 163 شخصا من العاملين في قطاعي الصحة والإسعاف جراء الغارات الإسرائيلية، خلال عام من التصعيد بين “حزب الله” وإسرائيل، معتبرة أن ذلك يرقى الى “جريمة حرب”.
انتهكت إسرائيل خلال حربها على لبنان، اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول الملحق بها، اللذين ينصّان بوضوح على ضرورة حماية العاملين في المجالات الإنسانية، بما في ذلك فرق الدفاع المدني، من الاستهداف المباشر أثناء النزاعات المسلحة. هذه الانتهاكات، إلى جانب التهديدات المستمرة التي طالت فرق الإغاثة والدفاع المدني، تركت تأثيراً كبيراً على قدرتها على العمل الميداني. هذا ما أكدته جمعيات الإغاثة في تصريحات لـ”النهار”.
الدفاع المدني اللبناني
يشير نبيل صالحاني، رئيس قسم التدريب في الدفاع المدني اللبناني، إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية تؤثر كثيراً على سير العمليات الميدانية، خاصة في ما يتعلق بإنقاذ الأطفال والمصابين. ويقول: “استشهد 12 فرداً، وأصيب عدد آخر ، وحتماً سيكون لذلك تأثير واضح”. ورغم التهديدات المستمرة، أكد صالحاني أن فرق الدفاع المدني تواصل أداء واجبها الإنساني بفعالية، موضحاً: “نحن نتدخل دائماً بسرعة لنجلي الجرحى قبل أن تتدهور حالتهم”. كما أوضح أن التدخلات تتم بعد دراسة دقيقة لتجنب المخاطر الإضافية، مشدداً على أن واجبهم يظل إنسانياً بحتاً: “لا يمكننا أن نترك شخصاً ينزف على الطريق”.
جمعية الرسالة للإسعاف الصحّي
ربيع عيسى، مفوض الدفاع المدني المركزي في جمعية الرسالة للإسعاف الصحي، أكد أن “كل استهداف إسرائيلي للدفاع المدني وهيئات الإغاثة لا يؤثر معنوياً”، مشيراً إلى التحديات الكبيرة التي تواجههم على الأرض، مثل سقوط جرحى وشهداء بين المسعفين بسبب القصف المباشر من الطيران المسيّر. وقال: “استُهدفنا مرات في عدة مناطق، وارتقى حتى اليوم 27 مسعفاً وأصيب 102 آخرون بجروح”. أضاف أن أكثر من 80 آلية إسعاف وإطفاء تضررت، ودُمّرت مراكز للدفاع المدني، لكنه شدد على أن الفرق لا تزال ثابتة في مواقعها، قائلاً: “نحن ثابتون ونتخذ تدابير لتقليل الخسائر دون التخلي عن واجبنا”.
الهيئة الصحية الإسلامية
ويتحدث محمود كركي، المسؤول الإعلامي في الهيئة الصحية الإسلامية، عن التضحيات التي قدمتها فرق الهيئة الصحية بسبب الاعتداءات الإسرائيلية. ويذكر: “وصلنا إلى 98 استهدافاً، ونزفنا الرقم 110من الشهداء، جميعهم من عناصر الهيئة الصحية”. وأضاف أن “32 مركزاً استُهدفت بشكل مباشر” وأنه تم تدمير 561 سيارة إسعاف ومعدات. وأكد كركي أن هذه التضحيات لم تؤثر على عزيمتهم بل زادتها، قائلاً: “نحن مستمرون في العمل رغم التهديدات”. كما أشار إلى أن الفرق تعرضت لاستهداف مباشر أثناء إنقاذ الجرحى، معتبراً أن هذا الاستهداف “يعكس نية عرقلة العمل الإنساني”.
الصليب الأحمر اللبناني
اما ألكسي نعمة، مدير فرق الإسعاف والطوارئ في الصليب الأحمر اللبناني، فيقول إلى أن فرقهم لا تواجه تهديدات مباشرة مثل الجمعيات الأخرى، لكنه أوضح أن الخطر يأتي من الضربات العشوائية. وأكد أنهم على تنسيق كامل مع الهيئات الدولية لضمان حماية الفرق، قائلاً: “نحن نعمل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومع الأمم المتحدة، ونتحرك بالتنسيق الكامل”.
رغم التضحيات الكبيرة من شهداء وجرحى وتدمير للمعدات والمراكز، يظل الإصرار على المساعدة هو الدافع الأساسي لاستمرارهم، على أمل أن تُحترم الاتفاقيات الدولية على أقل تقدير.
أحمد م. الزين – النهار