تؤشّر الوقائع التي تسارعت منذ الاعلان عن هذا الاتفاق الاربعاء الماضي، الى أنّه لا يقوم على أرض صلبة، في ظلّ الإهتزازات التي توالت خلال الايام الثلاثة الماضية، والخروقات المتتالية من الجانب الإسرائيلي في العديد من القرى الحدودية وصولاً إلى الزهراني، ما يرفع منسوب الحذر من إمكان تعرّضه إلى انتكاسة تترتب عليها وقائع وتوترات غير محمودة.
العيون ما زالت على الميدان رصداً لحال الاهتزاز التي يتعرّض لها، ولاسيما انّ الخروقات توالت بالأمس من الجانب الاسرائيلي اكثر من مرّة، عبر طلعات متتالية للطيران المسيّر في الاجواء الجنوبية، واستهدافات متواصلة للمدنيين في المناطق التي ما زال الجيش الاسرائيلي متواجداً فيها، واعتداءات بالقصف المدفعي والاسلحة الرشاشة على البلدات القريبة من خط الحدود الدولية، ما أرخى حالاً من التوتر الشديد.
في موازاة هذه المستجدات، أُعلن ما بدا انّه استنفار على أكثر من مستوى داخلي. وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ «المستوى السياسي والرسمي في لبنان، استعان بالراعيين الأميركي والفرنسي لاتفاق وقف إطلاق النار، معترضاً على الخروقات الاسرائيلية، وتلقّى وفق ما أكّدت مصادر حكوميّة لـ«الجمهورية» تأكيداً على الإتفاق ووعداً بمتابعة حثيثة مع الجهات المعنيّة، لما وُصفت بالتحركات والإجراءات الميدانية المستغربة وغير المبررة، بالشكل الذي يحول دون تكرارها، وكذلك تشديداً على وجوب تأكيد التزام كل الاطراف بما تمّ الاتفاق عليه، وما هو مصلحة لهم، وإدراك الحاجة الأكيدة للجميع إلى ترسيخ الهدوء والاستقرار على جانبي الحدود. وإنفاذ كلّ ما جرى لحظه من إجراءات ومتطلبات واجب القيام بها خلال فترة الـ60 يوماً».
وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين كان حاضراً على خط الاتصالات التي جرت خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية.
وفي هذا الاطار، سألت «الجمهورية» مسؤولاً ديبلوماسياً كبيراً عمّا يمكن عمله سياسياً لوقف الخروقات، فقال: «إنّ المسألة الآن أمنية وليست سياسية، وبالتالي الآن هو شغل العسكر، علماً أننا بادرنا مع بداية الخروقات إلى التواصل مع الاميركيين ووضعناهم في صورة الخروقات، وقد اكّدوا لنا انّهم سيتواصلون مع الإسرائيليين ويطلبون منهم احترام الاتفاق، وقالوا إنّ الأمر نفسه مطلوب من جانب لبنان».
وفي موازاة ذلك، اكّد مرجع أمني كبير لـ«الجمهورية» انّ «الوضع أكثر من حذر، بل مقلق ويتدرّج نحو الخطر، حيث يخشى أن يتعرّض للانهيار في ظلّ الخرق الاسرائيلي المتعمّد لاتفاق وقف العمليات القتالية، ما يعزز الاعتقاد بأنّ إسرائيل تُظهر من خلال هذه الخروقات نوايا مبيتة لنسفه واعادة الامور إلى الوراء».
واشار المرجع عينه إلى أنّ الجيش اللبناني، أعدّ جدولاً بالخروقات التي مارسها الجيش الاسرائيلي في المناطق الواقعة جنوب الليطاني، ولاسيما في الخيام ومركبا وكفر كلا ودير ميماس، وبيت ليف وصولاً إلى منطقة الزهراني شمالي الليطاني، اضافة إلى التحذيرات التي يطلقها لأهالي البلدات الجنوبية ومنعهم من العودة اليها، وجرى تواصل مباشر مع رئيس اللجنة الخماسية المكلّفة الإشراف على وقف اطلاق النار ومنع انتهاك الاتفاق الذي تمّ برعاية اميركية وفرنسية بين لبنان واسرائيل. وتمّ وضعه بصورة هذه الخروقات على أن يتخذ حيالها المقتضى». يُشار هنا إلى أنّ اللجنة الخماسية تضمّ عسكريين كباراً من الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا ولبنان، واسرائيل و«اليونيفيل»، ورئيسها الجنرال في الجيش الاميركي جاسبر جيفرز، الذي وصل إلى بيروت في الساعات الماضية والتقى قائد الجيش العماد جوزف عون، حيث جرى عرض مهمّة اللجنة إلى جانب خطة الجيش المتصلة بمنطقة جنوب الليطاني.
وقال المرجع الأمني: «انّ ما استجد يلقي على المستوى السياسي في لبنان مسؤولية إثارة موضوع الخروقات مع كل الشركاء في إتمام اتفاق وقف اطلاق النار، وخصوصاً مع الجانبين الاميركي والفرنسي، لممارسة الضغط للجم اسرائيل وردع خروقاتها، وخصوصاً انّ الخطير في هذه الخروقات هو أنّ العدو الاسرائيلي، ومن اللحظة التي تمّ فيها اعلان وقف العمليات القتالية، يحاول أن يستغل وقف اطلاق النار لفرض وقائع جديدة على الارض لم يتمكن من فرضها خلال المواجهات».
ورداً على سؤال قال المرجع: «انّ الجيش اللبناني بادر منذ اللحظة الاولى لإعلان وقف اطلاق النار الى تعزيز انتشار وحداته في المناطق الجنوبية، وبلغ في هذا الانتشار الحدّ الذي استطاع الوصول اليه، في انتظار انسحاب جيش العدو من المناطق المتواجد فيها، حيث يفترض ان تُنجز في القريب العاجل خطة الجيش عدة وعدداً لإكمال انتشاره في منطقة عمل القرار 1701».
وفي هذا السياق، اكّدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّه «بناءً على العرض الذي قدّمه قائد الجيش العماد جوزف عون حول عناوين هذه الخطة، فإنّها ستكون منجزة في غضون ايام، وتُرفع فوراً لاقرارها في مجلس الوزراء».
في سياق متصل، أحال وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، مشروع المرسوم القاضي بإعطاء وزارة الدفاع – قيادة الجيش، سلفة خزينة بقيمة 113 ملياراً و250 مليون ليرة لتغطية الكلفة الشهرية لتطويع 1500 جندي لصالح الجيش لمدة ثلاثة أشهر، وذلك بعدما وقّعه يوم الأربعاء الماضي.
إلى ذلك، قالت مصادر أممية لـ«الجمهورية» إنّ «رسائل مباشرة وجّهها مسؤولون في الامم المتحدة وفي قوات «اليونيفيل»، إلى الجانبين اللبناني والإسرائيلي، تعبّر عن درجة عالية من المخاوف من الخرق العلني لاتفاق وقف العمليات القتالية». وحذّرت من انّ «استمرار الخروقات من أي جانب كان، من شأنه أن يرخي بمؤثرات معاكسة لما تتطلبه المنطقة وسكانها على الجانبين اللبناني والاسرائيلي من هدوء وأمان، وتنذر بعواقب وخيمة».
وإذ لفتت المصادر إلى انّ «اليونيفيل» «تراقب الامور من كثب، اعادت التأكيد على كل الاطراف احترام مندرجات القرار 1701، والإيفاء بتعهداتهم المنصوص عليها في الاتفاق المعلن في ما بينهم». مشدّدة في الوقت نفسه على مخاطر استهداف الجيش اللبناني، وعلى استعداد «اليونيفيل» للتعاون الكامل مع الجيش لتوفير الامن والاستقرار في تلك المنطقة، وفق محددات القرار الاممي الرقم 1701».
الجمهورية