وفي 26 أيار 2021 لم تكن زيارة العماد جوزف عون إلى باريس الأولى التي يقوم بها. لكنها كانت لافتة من حيث الحفاوة، وخصوصاً لجهة استقباله من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، في خطوة تعدّ استثنائية من الناحية البروتوكولية. وإذا كانت وقتها وُضعت ضمن إطار مواجهة التطورات الكارثية التي كان يعيشها لبنان وإخفاق باريس في دفع الطبقة السياسية اللبنانية للسير بمبادرتها الإنقاذية التي طرحها ماكرون خلال زيارتيه إلى لبنان في آب وأيلول 2020، إلا أنها اعتُبرت وكأنّها زيارة رئيس دولة لرئيس دولة لأنّ عون استُقبل وكأنّه رئيس للجمهورية.
القاهرة والدوحة وواشنطن
في 28 تموز 2021 زار قائد الجيش مصر والتقى رئيسها عبد الفتاح السيسي وبحث معه في تعزيز العلاقة بين الجيشين. وفي مبنى وزارة الدفاع أقيمت له مراسم استقبال وتشريفات، والتقى القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول محمد زكي. الحفاوة المصرية التي استقبل بها عون خرجت عن سياق زيارة قائد جيش وتعدتها إلى الربط مع ترشيحه للرئاسة، خصوصاً أن مصر كان لها دور أساسي سابقاً مع قطر في ترجيح كفة انتخاب العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية في 25 أيار 2008.
وفي أول تشرين الأول 2021 كان عون يزور واشنطن مرة ثالثة بعد زيارتين تخلّلتهما لقاءات وتركّز البحث فيهما على تأكيد أن الدعم الأميركي للجيش اللبناني مستمر رغم إمكان تخفيض مساعدات جيوش أخرى، وهو الدعم الدولي الأبرز الذي يعتمد عليه الجيش مادياً ولوجستياً وكانت آخر دفعة مساعدات تلقاها كناية عن خافرات سواحل لمراقبة الحدود البحرية ومكافحة الهجرة غير الشرعية.
الزيارة الثالثة إلى واشنطن لم تقتصر على اللقاءات العسكرية بل تعدّتها إلى المستوى السياسي حيث أجرى لقاءات في وزارة الخارجية بحضور السفيرة الأميركية وقتها في لبنان دوروثي شيا، كما أجرى لقاءات في السفارة اللبنانية مع عدد من أعضاء الكونغرس وأعضاء مجلس الأمن القومي ومجموعة من المسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع، ونواب أميركيين من أصل لبناني بحضور شيا. وهذا ما أعطى أيضاً بعداً رئاسياً للزيارة التي تركت هواجس لدى «حزب الله» الذي كان أمينه العام ينتقد بشكل مباشر العلاقة بين واشنطن وبين الجيش، ويتحدث عن الخبراء الأميركيين الذين يقيمون في وزارة الدفاع وعن السفيرة الأميركية التي تسرح وتمرح في اليرزة.
وفي 10 كانون الأول 2022، زار قائد الجيش اللبناني قطر، تلبية لدعوة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وحملت الزيارة عنوان البحث في سبل استمرار دعم الجيش خلال هذه المرحلة. هذه الزيارة اكتسبت أهمية في توقيتها ومغزاها نظراً لأنها أتت في زمن الشغور الرئاسي والبحث عن رئيس توافقي ترضى به القوى المعارضة والثنائي الشيعي و»التيار الوطني الحر». وكان اسم العماد عون متداولاً كرئيس توافقي مقبول من واشنطن وباريس والدوحة.
وكانت دولة قطر تولّت تقديم دعم مالي وعيني للمؤسسة العسكرية في لبنان كي تتمكّن من الصمود والحفاظ على الأمن والاستقرار. وتمثّل هذا الدعم بمساهمة مالية بقيمة 60 مليون دولار لمساعدة عناصر الجيش وضباطه بمبلغ مالي يعوّض تراجع قيمة الرواتب، كما تمثّل بالالتزام بتقديم 70 طناً من المواد الغذائية شهرياً لمدة عام، ويجري العمل على تجديد هذا الدعم لمدة عام جديد.
محطة اليرزة
لم يقتصر التعاطي مع العماد جوزاف عون في هذه الدول كمرشح محتمل لرئاسة الجمهورية. يتم التعاطي معه في لبنان وكأنّه البديل المحتمل عن رئيس الجمهورية غير المنتخب. يحصل ذلك عندما يتحول مكتبه في اليرزة إلى محطة يزورها كل الموفدين الدوليين الذين يبحثون عن حل للأزمة اللبنانية، عن انتخاب رئيس للجمهورية، ثم عن تطبيق القرار 1701 بعد اندلاع حرب غزة في 7 تشرين الأول الماضي وإشعال «حزب الله» جبهة الجنوب دعماً لحركة «حماس». من جان إيف لودريان إلى برنارد إيميه وآموس هوكشتاين وغيرهم، بات العماد جوزاف عون ثابتاً في جدول الزيارات مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي.
فهل يقوي كل ذلك حظوظه في أن يكون الرئيس المقبل؟
نجم الهاشم – نداء الوطن