“عمل جنوني”… إقالة غالانت تفتح ملفات الخلافات الداخلية

أثارت الصحافة الإسرائيلية اليوم الأربعاء جدلاً واسعاً بعد قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت، والذي ألقى الضوء من جديد على الخلافات السياسية داخل حكومة الاحتلال وأعاد إلى الواجهة أزمة التعديلات القضائية التي شهدتها إسرائيل عام 2023.

وقد أثارت هذه الإقالة موجة من ردود الفعل في الأوساط السياسية والإعلامية، حيث خرج الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم ومعارضتهم للخطوة. كما كان رد فعل الكتاب والمحللين في الصحف الإسرائيلية بشكل عام مشحوناً بالنقد الشديد، مع تسليط الضوء على أسباب القرار وتداعياته المحتملة.

ويستعرض هذا التقرير آراء ثلاثة من أبرز الكتاب والمحللين في الصحف الإسرائيلية، وهم المحلل العسكري ناحوم برنياع من صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ويوسي فيرتر المحلل السياسي من صحيفة “هآرتس”، بالإضافة إلى بن كسبيت المحلل السياسي البارز في صحيفة “معاريف”.
وناقش المحلل العسكري ناحوم برنياع، قرار إقالة غالانت من زاوية حساسة، محذراً من تداعياته على الأمن القومي الإسرائيلي، والعلاقة بين الجيش والمجتمع، فضلاً عن تأثيره على المكانة الديمقراطية لإسرائيل.

وأكد برنياع أن غالانت لم يكن يعارض نتنياهو بشكل شخصي، بل كان يعبر عن مخاوف حقيقية تجاه تأثير الإصلاحات القضائية على التماسك الداخلي للجيش وقدرة الجنود على تنفيذ مهامهم. وأوضح برنياع أن “الجيش الإسرائيلي هو مؤسسة يلتف حولها الإسرائيليون”، محذراً من أن إقالة وزير الدفاع قد تزرع بذور الشكوك والانقسامات داخل هذه المؤسسة.
كما أشار إلى أن غالانت كان يسعى لحماية المؤسسة العسكرية من التسييس، محذراً من أن إقالته قد تؤدي إلى تحول الجيش إلى ساحة للجدالات السياسية. ووجه نقداً لنتنياهو معتبراً أنه يسعى للسيطرة على جميع مفاصل الحكومة دون الأخذ بعين الاعتبار تحذيرات العسكريين.

وقدّم المحلل السياسي يوسي فيرتر تحليلاً شاملاً لتداعيات إقالة غالانت، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تندرج في سياق التحولات السياسية الكبرى في إسرائيل، وهي محاولة من نتنياهو للسيطرة على جميع المراكز التي قد تعارض أجندته الإصلاحية.
واعتبر فيرتر، أن غالانت كان “يمثل صوت الضمير في الحكومة”، وكان يسعى لحماية الجيش من التلاعب السياسي، مشيراً إلى أن إقالته تعني خسارة الحكومة لصوت كان يحاول منعها من ارتكاب الأخطاء. كما وصف فيرتر قرار نتنياهو بأنه “عمل جنوني” وقال إن نتنياهو يقود إسرائيل نحو الهاوية.

كما أشار إلى أن هذه الإقالة قد تؤدي إلى مزيد من الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، وأن الحراك الشعبي الذي تبعها قد يخلق شرخاً بين من يؤيدون الحكومة ومن يعارضونها.
وبدوره سلّط المحلل السياسي بن كسبيت الضوء على دور غالانت في الحرب ضد إيران وحزب الله، مشيراً إلى أن خلافات غالانت مع نتنياهو بشأن إدارة شؤون الدولة والأمن قد تزايدت، مما أدى إلى إقالته في وقت حساس. واعتبر أن هذه الخطوة تأتي في سياق سعي نتنياهو لبناء حكومة خاضعة تماماً لصورته واستبعاد أي شخص قد يشكل تهديداً له.

كما أشار إلى أن توقيت الإقالة كان مدروساً، حيث جاءت عشية الانتخابات الأميركية وفي وقت حساس بالنسبة لإسرائيل، وهو ما يراه نتنياهو محاولة لتوجيه الأنظار بعيداً عن القضايا الداخلية مثل التحقيقات الجارية في مكتبه. وقال كسبيت إن إقالة غالانت كانت أيضاً محاولة للحفاظ على التحالفات السياسية وإدامة تهرب الأرثوذكس المتطرفين من التجنيد.
واختتم بن كسبيت تحليله بالحديث عن التحديات التي تواجهها إسرائيل في ظل الاضطرابات الداخلية الكبيرة، محذراً من أن الوضع السياسي والأمني في البلاد قد يصبح أكثر تعقيداً نتيجة لهذا القرار.